samedi 12 février 2011

في لقاء نظمه طلبة علم الاجتماع بالرباط بعنوان: تحولات المجتمع المغربي بنظرة عالم الاجتماع



نظم طلبة علم الاجتماع يوم الأربعاء 19 مارس 2010 بكلية الآداب و العلوم الإنسانية جامعة محمد الخامس بالرباط انطلاقا من الساعة العاشرة صباحا لقاء مع كل من الأستاذ الدكتور المختار الهراس و الأستاذ الدكتور إدريس بنسعيد أبرز السوسيولوجيين المغاربة الذين أثروا الخزينة الفكرية و المعرفية المغربية بإنتاجاتهم و دراساتهم العلمية و التي قدمت فهما منطقيا و تفسيرا موضوعيا للمجتمع المغربي في مختلف المجالات .
وقد تطرق الأستاذين إلى أهم المشاكل و القضايا التي يعاني منها الشاب المغربي ألا وهي شكل الممارسة السياسية التي تطبع الشباب في هذه الآونة و مسألة الجنس و علاقته بهذه الفئة العمرية .
بداية فقد طرح الأستاذ ادريس بنسعيد مداخلة مركزية عنونها ب" الشباب و المسألة الجنسية " .حيث أكد على أن مهمة السوسيولوجي في هذا الميدان ليس طرح الأسئلة فقط ، بقدر ما تكون مهمته البحث و التنقيب في مثل هذه القضايا ، ولا بد للسوسيولوجي في محاول منه للبدء في مشروعه العلمي أن يحدد المفاهيم الأساسية التي سيتعامل معها و هذا التحديد يكون بطريقة منظمة و مرتبة .فكل قضية تقع داخل مجتمع ما، هي قضية و موضوع لعلم الاجتماع ، ذلك أن علمية علم الاجتماع تجعله قادرا على بناء مواضيع للدراسة ، و في هذا الإطار تساءل الأستاذ بن سعيد : هل نحن في صدد الحديث عن فئة عمرية ؟
إن موضوع الشباب مفهوم مضطرب شديد الحساسية ، فكما يقول بورديو " الشباب هي كلمة ليس لها معنى عند بناء الموضوع السوسيولوجي". فلتحديد هذه الفئة يمكن لنا أن نرجع إلى عدة مجالات من أهمها الديموغرافيا و السؤال المطروح هنا: أي سن يبتدئ فيه الشباب و أين ينتهي ؟؟
فمن خلال هذا السؤال يبدو لنا من الوهلة الأولى أنه محيط بقدر كبير من الصعوبة .
يؤكد الأستاذ بن سعيد أن الشباب لا يرتبط بالمسألة الفيزيولوجية بقدر ما يرتبط بذهن و فكر الشاب و بناء عليه تتحدد لنا عدة مداخل لتفسير ذلك و هي :
1-) تحدد المنظمات الدولية و خاصة اليونسيف التابعة للأمم المتحدة أن سن الطفل يبتدئ من الشهور الأولى إلى حدود سن 18 سنة .
2-) من الناحية السياسية كان يعتبر الأهلية السياسية في 21 سنة منذ أوئل القرن العشرين و قد تم خفض هذا السن إلى حدود 18 سنة. بالإضافة إلى رفع سن الزواج في مدونة الأسرة الأخيرة من 16 سنة إلى 18 سنة. وهذا المدخل هو مدخل إحصائي وهو نفسه يعاني من الاضطراب .
هذا فيما يتعلق بالمدخل الإحصائي .أما فيما يتعلق بالمدخل الآخر وهو المدخل الثقافي أو القيمي ، فالقيم عبارة عن نظام للترتيب بمعنى هناك قيم عليا و قيم دنيا .
إن الطفولة ، الشباب ، و الشيخوخة تشكل في المجتمع كقيم بالنسبة لكل فئة من هذه الفئات .
فالطفولة بصفة عامة كمرحلة مصادفة للبراءة ، لا يتمتع فيها الطفل فيها لا بالواجبات و لا بالحقوق بل هو في موضع المنصت فقط ، و عندما يصل الطفل إلى مرحلة النضج الجنسي أي البلوغ فإن الشباب خاصة الذكور يدخلون إلى الحياة الاجتماعية ، بمعنى أن لهم مكان داخل المجتمع . بخلاف الفتاة البالغة التي تخرج من الحياة الاجتماعية . و ذلك راجع للتقاليد و العادات التي يتشبع بها المجتمع المغربي لاسيما في البوادي تضطر الفتاة البالغة إلى التمسك بالبيت و أشغاله أكثر مما تتمسك بأشياء أخرى خارجه . و انطلاقا من هذا التفسير فإن الشباب يهم الذكور أكثرمما يهم الإناث.
أما فيما يتعلق بمرحلة الشيخوخة ، فالشيخوخة شيخوختان على حد تعبيره :
شيخوخة الرجل الذي كلما زاد في العمر كلما زاد حكمة و وقارا ، ثم شيخوخة المرأة التي كلما زادت في السن كلما كثر النداء عليها بالحمقاء و الشمطاء و التي لا تعرف شيئا .
و يجب الأخذ بعين الاعتبار هذه المداخل و المداخل الأخرى .
على المستوى الدولي و المستوى الوطني فإن المراهقة واقع سوسيولوجي و استراتيجي على اعتبار أن الأغلبية الساحقة للإشهارات تستهدف فئة الشباب أكثر من أي فئة عمرية أخرى لأنه يسهل إغراؤهم بالمنتجات التي تطرح في الأسواق.
إذن يتضح أن مفهوم الشباب هو مفهوم صعب الإمساك به .فما هو الشباب من الناحية السوسيولوجية ؟
هنالك العديد من المؤشرات بإمكانها تحديد هذا المفهوم ، و للتذكير فالمؤشر لا يكون له أي معنى إذا لم نقارنه مع مؤشرات أخرى :
من أهم التطورات الحاصلة و التي ساعدت على التحول الاجتماعي في المغرب خاصة الفئة الشبابية هو ارتفاع سن الزواج ففي سنة 1960 كان معدل سن الزواج لدى الإناث هو 17.5 سنة و في سنة 1984 ارتفع ليصل إلى حدود 23.5 سنة أما في سنة 2004 نتيجة للإحصاء العام الذي أجري فقد وصل معدل سن الزواج إلى 30 سنة تقريبا . و إذا اعتبرنا أن بداية النشاط الجنسي أي البلوغ عند الشباب قبل فترة الزواج هو 15 سنة ،و نعلم أن سن الزواج هو 30 سنة إذن 15 سنة من الممارسة الجنسية خارج الإطار الشرعي و هذا يفسر أن هناك" طاقة جنسية قوية داخل المجتمع" .
بالإضافة إلى هذه التفسيرات السوسيولوجية هناك ارتفاع نسبة الوعي و درجات التعليم لدى النساء مما يؤدي إلى تغيرات في المجتمع منها ارتفاع نسبة العنوسة .
بالإضافة إلى ذلك فإن المغرب كمجتمع لم يتخلص نهائيا من الأفكار التقليدية التي توجد بها قوانين غير مكتوبة مثلا هنالك اتفاق ضمني أنه يجب على الرجل أن يكون أكبر سنا و أكثر ثراءا و معرفة و قوة ...أكثر من المرأة ...هذا و يمكن أن نسجل مسألة أخرى و هي أن المجتمع المغربي عرف بكيفية سريعة جدا التحضر و ذلك بانتقال أعداد كبيرة من المواطنين القرويين إلى المجال الحضري وهدا يكرس الزيادة في مستوى الفقر و التهميش مما ينتج عنه الزيادة في نسب الممارسات الجنسية .
قبل 200 سنة كانت الممارسة الجنسية طبيعية و محدودة ، أما الآن فقد أصبحت الممارسات الجنسية لها عواقب وخيمة على المجتمع نتيجة أمراض خطيرة كالسيدا مثلا.
إن الجنس له وظيفتان أساسيتان:
وظيفة إجرائية و تتمثل في التناسل و يقتضي الأمر وجود أسرة.
ووظيفة أخرى و تتمثل في قوته الدافعة و يخلف بالتالي المتعة .
وعموما فمسألة العلاقة بين الشباب و الجنس هي من الناحية المجتمعية ناحية استراتيجية ، و بالنسبة لعلم الاجتماع هي ورش كبير و أولية كبيرة .

إذا كان اتخاذ الأستاذ بنسعيد لموضوع واقع الشباب و علاقته مع الجنس كموضوع مهم فإن موضوع الأستاذ الهراس لم يقل عنه أهمية حيث تطرق إلى علاقة الشباب المغربي و مدى ارتباطه بالسياسة من جهة و بالمجتمع المدني عبر الجمعيات من جهة أخرى ، ذلك أنه تساءل في البداية عن:
ما علاقة الشباب بالسياسة و الممارسة السياسية ؟؟
و ما علاقته بالعمل الجمعوي ؟ و إلى أي حد يمكن أن نربط ما بين العمل الجمعوي و السياسة ؟؟
نتيجة لدراسة ميدانية قامت في المغرب سنة 2006 مع 850 مواطن مع نسبة مرتفعة من الشباب ما يفوق عن 300 شاب سئلوا عن :
إلى أي حد يمكنهم الثقة بالأحزاب السياسية 39 في المائة لا يثقون بالأحزاب في حين أن 7 في المائة فقط هم الذين يثقون في الأحزاب السياسية
إلى أي حد يمكن أن يثقوا بالحكومة نسبة 38 في المائة يثقون في الحكومة و 35 في المائة لا يثقون فيها
نسبة 40 في المائة لا يثقون بالبرلمان و نسبة ضئيلة فقط 6 في المائة هي التي تثق بالبرلمان
السؤال التالي كان هو مع من يتحدثون في السياسة ما يقارب 44 في المائة يتحدثون مع أصدقائهم في السياسة ( أغلب هذه النسبة كانت ما بين 18 و 35 سنة). و 45 في المائة لا يتحدثون مع أصدقائهم في السياسة
50 في المائة يتحدثون مع زملائهم الطلاب في السياسة
35 في المائة يتحدثون مع الأسرة و 20 في المائة لا يتحدثون.
مدى معرفة الشباب للشخصيات المعروفة مثلا رئيس البرلمان 67 في المائة لا يعرفونه و 23 في المائة فقط هم الذين يعرفونه.
37 في المائة هم الذين يعرفون وزير الخارجية و التعاون المغربي
70 في المائة يعرفون الوزير الأول
81 في المائة يعرفون مدرب المنتخب الوطني و 15 في المائة لا يعرفونه
57 في المائة يعرفون الأمين العام للأمم المتحدة .
وقد كان ما نسبته 56 في المائة يقولون بأن التغيرات السياسية لا تؤدي إلى تغيرات في الأوضاع الاجتماعية .
الأنظمة السياسية النموذجية بالنسبة للمغرب
20 في المائة يحبذون النظام الفرنسي و النظام الأمريكي بدرجة أقل بكثير
هذه المعطيات تفسر: لماذا هناك عزوف سياسي في الانتخابات ؟
ففي دراسة لباحث سوسيولوجي حاول معرفة العوامل الحقيقية التي منحتنا النتائج أعلاه
من ضمن هذه الأسباب انه ليس هناك ديموقراطية داخل الأحزاب السياسية و حتى بالنسبة لمدافعتها على حقوق الشعب فاستفحال البطالة ...و الفقر ....تردي التعليم ....ارتفاع الأسعار...في ظل عدم تدخل الأحزاب بشكل مادي للدفاع و القضاء على هذه القضايا فإن العزوف عن الانتخابات جاء نتيجة لذلك.
هذا بالإضافة إلى أن الانتخابات كما جاء في الدراسة لا تكرس إلا الفاسدين و المفسدين الذين لا يهمهم الدفاع عن كرامة المواطن و حقوقه بقدر ما أنهم يدافعون عن مصالحهم الفردية و المشتركة فيما بينهم.
فالنخب السياسية تغير مبادئها كما تغير ملابسها على حد تعبيره .
إذا أردنا أن نفسر هذه الظاهرة فإننا سنفهم من خلال ما سبق أن الأحزاب السياسية لا تصغى بشكل واضح و صريح إلى آراء الشباب و طموحاتهم و آمالهم و تطلعاتهم .
بالإضافة إلى وجود تنافس و انشقاقات بين النخب السياسية داخل الأحزاب المنتمية إليها و هذا لا يزيد الأحزاب السياسية إلا ضعفا و ابتعادا عن المواطنين ، نسجل أيضا استمرار بعض النخب السياسية في ممارسة السياسة داخل أحزابهم و في مراكز القرار على مستوى السلطة بالرغم من فشلهم في الانتخابات و هذا لا يكرس إلا الإحباط و التذمر في صفوف المواطنين الطامحين إلى التغيير.
و من جملة الأسباب التي تساهم في عزوف الشباب عن ممارسة السياسة هو تركيز هذه الأحزاب على تاريخها و ماضيها و التضحيات التي قدمت في سبيل الحرية و المساواة و نبذ الفساد ،و نسيان أن المواطن الآن يعيش على إيقاع التضخم و المشاكل الاجتماعية و الأخلاقية و الاقتصادية الخانقة و يرغب بالتالي بأشياء ملموسة على أرض الواقع في هذه الفترة و حتى في المستقبل. وقد دعا الأستاذ الهراس إلى مشاركة المواطنين في الحياة السياسية لأنها مسألة حيوية بالنسبة لمستقبل البلاد و خصوصا الشباب حيث يقول" يجب على الشباب أن يكون فاعلا في الحياة السياسية و مؤثرا فيها "
في ظل الظروف التي تساهم في هروب الشباب عن الممارسة السياسية فإننا بمقابل ذلك نجدهم منخرطون في العمل الجمعوي، فالجمعيات لها أهداف مادية وملموسة بالإضافة إلى تخصصها في ميدان محدد مثل الإعاقة ...مساعدات خيرية ....أنشطة ثقافية..... فالشباب بدأ يجد الديموقراطية في المجال الجمعوي أكثر منه في الأحزاب السياسية ذلك أن الجمعية هي مجال و فضاء حر لممارسة المواطنة و النضال و إيصال المعارف الهامة و المفيدة للآخرين و بناء أفكار و مقاربات جديدة ، و تعلم الشباب أن يتحدث في قضايا محددة و ملموسة و هؤلاء الشباب الذين يتمرسون و لديهم تجارب جمعوية سيحددون الديموقراطية السياسية و سيعطون حياة جديدة و نفسا حيويا للحياة الاسياسية في بلادنا إذا أعطيت لهم الفرصة . فالنضال اليوم ليس هو التحدث بصفة عامة بل النضال اليوم هو النضال الذي يحدد قضايا مقصودة ، النضال من أجل مساعدة الشباب لتجاوز الإقصاء و التهميش... من أجل المعوقين و المرضى الفقراء..من أجل تشغيل الأطر العليا المعطلة ....هذا من جهة و من جهة أخرى فالجمعيات لها مبادئ و قيم عليا ثابتة تحافظ عليها ، بخلاف الأحزاب السياسية التي تطرح برامج و مخططات لا تطبقها في أرض الواقع . وبالرغم من هذا كله فإنه يقول " أنا متفائل و متأكد على أن الشباب سيرجع إلى الحياة السياسية و سيعطي دينامية للممارسات السياسية... فمجتمع الشباب دائما يخلق دم جديد ".
إذن يجب إعطاء مجال أوسع للشباب داخل الأحزاب السياسية على حد تعبيره ، لأنه آن الأوان لكي نتجاوز تلك النظرة إلى هذه الفئة على أنها مصدر تهديد و مخاوف ، فكلما كان للشباب فضاء واسع للتعبير و إبداء الرأي بكل حرية كلما كانت النتائج و الحصيلة أفضل .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire