mercredi 9 mars 2011

الأستاذ عبد الرحيم العنبي " التحولات التي يعرفها العالم العربي ، هي تحولات قيمية و ثقافية جديدة "


     


   في خضم  التغيرات الاجتماعية و السياسية التي تميز العالم العربي في هذه الآونة ، و في ظل الظروف المتسارعة التي تشهدها المنطقة ، عمل منتدى ابن خلدون لعلم الاجتماع بكلية الآداب و العلوم الإنسانية جامعة محمد الخامس بالرباط  ، يوم الخميس 3 مارس 2011 انطلاقا من الساعة الثالثة بعد الزوال ،  على تنظيم ندوة تحت عنوان :" الحراك السياسي في المجتمعات العربية والمغاربية "  بحضور عبد الرحيم عنبي أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب و العلوم الإنسانية ابن زهر  بأكادير .
     و لقد اعتبر الأستاذ عنبي أن الحديث عن هذا الموضوع في هذه الظرفية الدقيقة و الحساسة ، هي إشكالية للجامعي، و  خاصة للسوسيولوجي من أجل الإجابة عن أسباب و عوامل  هذه  التغيرات و التحولات العميقة التي يعيشها العالم العربي .
  وقد وظف الأستاذ عنبي مقاربة تقارن بين الاحتجاجات و الانتفاضات التي كانت تشهدها المجتمعات العربية منذ عقود ، و الحركية الاجتماعية الراهنة ، بحيث تدخلت مجموعة من التغيرات في جعل هذه الحركية تختلف عن سابقتها ، فانتشار التمدن و اتساع المجال الحضري على حساب المجال القروي  شكل نضجا فكريا لهؤلاء المحتجين و وعيا مكنهم من معرفة حقيقية أكثر  لواقعهم  ، علاوة على التحول الثقافي العميق المعبر عنه بالتكنولوجيا الحديثة و وسائل الإعلام و الإنترنت التي كسرت حواجز الحدود  الثقافية . هذا فضلا عن المدخل الديموغرافي الذي هو الآخر عرف تحولا  كبيرا  خاصة في قاعدة هرم الأعمار التي تعرف اتساعا كبيرا للفئة الشبابية التي كانت حاضرة بقوة و مهيمنة على هذه الانتفاضات.  و لم ينفي الأستاذ العنبي وجود الانتفاضات و الاحتجاجات السابقة في العالم العربي ، وانتقد فكرة  بروزها الراهن كشيء جديد على هذه المجتمعات -كما يعتبر ذلك الإعلام-  ، فحين تكتمل الشروط و تنضج لتكون هناك انتفاضة فستكون هناك انتفاضة بالرغم من ظهورها في مواقع معينة في العالم العربي ، بمعنى أوضح لا علاقة بالانتفاضات التي يعرفها العالم العربي بعضها ببعض إلا إذا كانت هناك أوضاع تحتمها و تفرضها  ، و هذا الحراك  لا يجب أن يتعامل معه  على أساس سلبي بل هو مؤشر على جملة من القضايا و المشاكل التي تعاني منها هذه المجتمعات .
    وبحسب الأستاذ العنبي فقد لعبت مجموعة من الاختلالات في تردي الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية و على الخصوص السياسية و الحقوقية ،  و تتمثل هذه الاختلالات في انعدام التواصل بين الدولة و النخب السياسية  التقليدية  التي  لا زالت أسيرة لمجموعة من التصورات  الكلاسيكية لتدبير الشأن المحلي من جهة ، و فئة الشباب التي لها مطالب و تصورات جديدة ، بحيث أن هذه الفئة لا تجد الفضاء الفعال و الحقيقي للتعبير و تفعيل آرائها ، مما يضطرها إلى اتخاذ الأسلوب الاحتجاجي ، هذا علاوة على تهميش دور الهويات المحلية الصغيرة  التي تريد هي الأخرى التعبير عن همومها و حاجياتها و مطالبها في الاندماج داخل المجتمع بما يقتضيه ذلك  من حفاظ على ثقافتها و مساهمتها في اتخاذ القرار . بالإضافة إلى كل ذلك يبقى حسب العنبي الاختلال الكبير هو الانهيارات المتتالية لمؤسسات الدولة ، بحيث أن هذه الدول منذ الاستقلال لم تستطع بناء دولة المؤسسات، فالزبونية ..وغياب التداول الديمقراطي للحكم ...و الرشوة ... و التزوير ...و المحسوبية والشبكات القرابية من المستوى العالي ،  تهيمن و تسيطر على اتخاذ القرارات ، و تتحكم في اقتصاديات بلدانها  مما يكرس التذمر و الرفض داخل المجتمع .
    و لكل ذلك يقول الأستاذ العنبي ، من المفروض تغيير أشكال التعامل مع الشباب و اعتباره فاعلا أساسيا  ، و خلق شبكات للتواصل معه  و إدماجه في مؤسسات الدولة و الأحزاب ، و الاعتراف بوجوده  ، بالطريقة التي  تعكس تعامل فرنسا مع هذه الفئة بعد سنة 68 ، لا التعامل معه كمستهلك .
   إن التحولات التاريخية التي يعرفها العالم العربي  ، هي تحولات  جديدة ، قيمية و ثقافية ..لحقوق الإنسان ...و الحرية ...و الديمقراطية  ، و عليه مطلوب القيام بدراسات سوسيولوجية على غرار فرنسا 68 ، تستهدف مقاربة الظواهر الاجتماعية المرتبطة بالحركات الاجتماعية و الحراك السياسي و الاجتماعي داخل المجتمعات العربية  على أساس معرفي و علمي .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire