dimanche 17 avril 2011

السوسيولوجي المغربي ادريس بنسعيد:" الثقافة ، في المتن الإيديولوجي ليس لها أي سند تاريخي أو علمي "




أكد عالم الاجتماع المغربي ادريس بنسعيد على أن المجال السياسي  الإديولوجي يغذي النزعة الإقصائية للثقافات الأخرى التي توجد داخل المجتمع الواحد كما تؤكد ذلك الدراسات الأنثروبولوجية .

ففي لقاء  في إطار الدورة الثالثة  لمهرجان سلوان الثقافي ، بالخزانة الصبيحية  مساء يوم الجمعة 15 أبريل 2011 ، تحت عنوان "الثقافة و تعدد الهوية المغربية" بتنظيم من "جمعية سلا المستقبل "، أكد بنسعيد على أن  الوضع الحالي الذي يعيشه المجتمع المغربي يفرض علينا النظر و مساءلة الأدوات السوسيولوجية لمدى إجرائيتها و قدرتها على فهم الواقع ، معتبرا على أن النقاش الثقافي الذي رفعت شعاراته في الحركات الاحتجاجية لا يعد ثانويا أو تكميليا بقدر ما  هو أساسي و جوهري .
      وقد حذر من الانفلات في استخدام المفاهيم الأشد استعمالا خاصة ما يتعلق بالهوية و الثقافة  عندما  ينتقلان فيه إلى المجال السياسي . فالثقافة من المنظور الأنثروبولوجي هي كل ما ينتجه المجتمع و ما يستهلكه من رموز و تعبيرات و قيم قد تتجسد في حوامل مادية أو حوامل لا مادية .  و من  هذه الناحية أي الناحية  العلمية، فالمجتمع هو مزيج بين مجموعة من الثقافات  تتحول و تتغير بصفة مستمرة  و لا يمكن أبدا في هذا الإطار التعاطي معها بالمفرد  .  غير أنه من الناحية الإديولوجية الأمر مختلف ، تفرض النزعة الفردية للثقافة الواحدة التي تصبح المعيار الوحيد للحكم بصلاح أو فساد  باقي الثقافات الأخرى ، و تشتغل في إطار التوحيد و يتم تحويلها إلى ثوابت مقدسة ، كما تفرض التراتبية الثقافية باعتبار وجود الثقافة العليا و الأخرى الدنيا   التي لا قيمة لها ،  مما يكرس الإقصاء و التهميش لباقي الثقافات الأخرى ، فالثقافات في الأصل متساوية من ناحية القوة ، و تراتبها و تمايز الواحدة على الأخرى مرتبط ارتباطا وثيقا  بالهيمنة الاقتصادية و السياسية و الاستحواذ على سلطة القرار  . وقد نبه في هذا الإطار الأستاذ بنسعيد على طغيان ذلك على المجتمع المغربي المتعدد الثقافات ، و حذر من الثقافة التي تعتبر نفسها الوحيدة الحاملة  لقيم المجتمع المغربي  و الثقافة  الوحيدة  التي تعبر عن أصالة هذا المجتمع . كما اعتبر "أن المتن الإيديولوجي مؤسس لأوهام كبرى و لأصالة ليس لها سند تاريخي أو علمي و إنما على أصالة مبنية إيديولوجيا   تتحول تدريجيا إلى أداة  من أدوات الصراع السياسي ".
   أما فيما يتعلق بالهوية ، فقد اعتبر بنسعيد أن  هذا المفهوم ، مفهوم فلسفي فضلا على أنه مفهوم إديولوجي ، و ليس بواقع تاريخي أو اجتماعي بقدر ما هو بناء و يتخذ شكلين ، شكل أول و هو ما يسمى بالهوية العمياء  وهي أن هوية المجتمع  لا توجد فيه  ولكن توجد خارجه و خارج التاريخ ، كما أنها  توجد في تاريخ لا تاريخ له و  في زمن لا زمن له  أو في زمن يتم بناؤه ،  بالتالي لكي نتماها  مع هويتنا و مع أصالتنا يجب أن نرجع إلى هذا المرجع ، الذي نبنيه دائما إلا أنه لم يتحقق . و الشكل الثاني ما يسمى بالسلفية أو الأصولية و هو اختيار عصر معين أو زمن معين و اعتبار أنه الزمن المرجعي  و العصر المرجعي ، فهويتنا هي عندما نرجع إلى  تلك الفترة  المحددة كما بنيناها ، و هذه المقاربة السلفية متعلقة بالحركات الدينية المتفرعة خاصة من البروتستانتية  في أوروبا و بصفة أخص  في أمريكا  . في هذه الحالة تصبح هوية أي مجتمع من المجتمعات  هي بناء  تتدخل العديد من العناصر  فيه  و من جملتها  العناصر الثقافية.
   أما من جانب اللغة ، أكد بنسعيد على أن اللغة الفرنسية هي المفتاح الذهبي في كل الإدارات و تمارس بشكل مباشر من طرف النخب ، و هو أمر مقلق  للغاية ، كما أن نضال الجمعيات و الحركات الأمازيغية من أجل اعتبار ثقافتها ولغتها كأساس تشترك فيه مع العربية داخل المجتمع المغربي ، ينظر إليها بشكل غير إيجابي و تسقط عليها أحكام ليست موضوعية و منطقية. و هو أمر يستدعي تعميق المعرفة ، و الاهتمام بالشكل الكافي بالثقافات المغربية.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire